الاثنين، 2 مارس 2009

الأحساء ... وتسويق البترول

مقال للدكتور/ أسامة أحمد
بمجلة الأحساء بالعدد 86 فبراير 2009
نتناول في حلقة اليوم واحد من أهم الموضوعات ذات الاهتمام العالمي ألا وهو تسويق البترول مع التركيز على الأهمية النسبية للملكة العربية السعودية ومنطقة الإحساء على وجه الخصوص من خلال تقييم للوضع الراهن والتوقعات العلمية لمستقبل الطاقة البترولية والتي بدأت في 1859 بينما كانت أول شحنة تجارية في 1861 محملة بالكيروسين من الولايات المتحدة إلى أوروبا ، ويمثل النفط والغاز الطبيعي حالياً ما يزيد على 50% من مصادر الطاقة في العالم بينما المصادر الأخرى التي تتمثل في الفحم والطاقة الحيوية والنووية والشمسية والمائية والحركية وغيرهم. ويقصد بتسويق البترول "تلك الجهود التسويقية للبترول ومنتجاته". ويمكن طرح الموضوع من خلال العناصر التالية:
أولاً : تناقص الاحتياطي العالمي ونقطة الذروة.
ثانياً : البحوث والتطوير في مجال البترول.
ثالثاً : بورصات البترول العالمية.
رابعاً : منظمة OPEC ومنظمة OAPEC.
خامساً : البترول السعودي ومنطقة الإحساء.
وفيما يلي عرض تلك الموضوعات بالتفصيل:

أولاً : تناقص الاحتياطي العالمي ونقطة الذروة
تعرف نقطة الذروة بأنها تلك النقطة التي يتجاوز عندها الحجم المستخرج من البترول الحجم الإجمالي للحقل تقريباً ، وبعد هذه النقطة يستمر الإنتاج ولكن بمعدلات متناقصة أو قد تصل لمرحلة يتم فيها التوقف الكامل عن الاستخراج لعدم الجدوى الاقتصادية والفرق بين العائد والتكاليف التشغيلية.

ومع تزايد الطلب العالمي على البترول ومشتقاته ومنتجاته المتعددة بمعدلات مرتفعة وبما لا يتناسب مع الاكتشافات الجديدة التي تكاد ألا تذكر تزيد احتمالية نضوب الثروة البترولية ، حيث أنه وفقاً لما تؤكده بعض الأبحاث العلمية التي أجريت لتقدير نقطة الذروة أن العالم قد تخطاها بالفعل في العام 2004 وأننا اليوم بدأنا باستخدام النصف الثاني من الثروة البترولية للحقول العاملة والمكتشفة حتى الآن.

وتتنبأ مجموعة من الدراسات لكل من جامعة "كلورادو" الأمريكية للتعدين ومعهد البترول الفرنسي وجامعة "أبسالا" بجنيف بأن العالم سيواجه بنقص مخيف بالإمدادات البترولية اعتباراً من العام 2010.

ثانياً : البحوث والتطوير في مجال البترول
بالرغم من أنه يوجد حوالي 3500 شركة بترول في العالم وبالإضافة إلى الوزارات المعنية بالبترول في أغلب حكومات دول العالم إلا أن النفقات على أبحاث تطوير صناعة البترول والغاز في حدود 1.4% من إجمالي الإنفاق العالمي على البحوث الصناعية ، وهي نسبة متواضعة جداً إذا ما قورنت ببعض الصناعات الأخرى كما في البحوث التي تنفق على تقنية المعلومات وهي في حدود 27.3% ، أو السيارات بحوالي 17.7% ، أو على الصناعات الدوائية بحدود 15.7%.

كما أن وهذه النسبة المتواضعة قد تخصص على أعمال الحفر أو غيرها من مهام الاستخراج والتي تهم الشركات المنتجة في حين هناك مسئولية اجتماعية تقع على عاتق حكومات الدول المنتجة للبترول وشركات البترول الكبرى بالاهتمام بالجهود البحثية على عدة مجالات أخرى من بينها ما يلي:
– اكتشاف أبار جديدة.
– ترشيد الاستخدام وتقليل الفاقد.
– البحث عن بدائل غير بترولية كمصادر للطاقة.
– أساليب ووسائل اقتصاديات الإنتاج.

وفي دراسة أجريت على 18 شركة من كبرى شركات البترول تبين أن المتوسط العام لإنفاقهم على البحوث والتطوير في حدود 0.31% من إجمالي مبيعاتهم في حين تصل نسبة إنفاق الشركات الكبرى بالصناعات الأخرى كالصناعات الدوائية وتقنية المعلومات والحاسب الآلي في حدود 17.8% من مبيعاتها على البحوث والتطوير.

ثالثاً : بورصات البترول العالمية
بدأت مرحلة ونقلة نوعية في تسعير البترول بعد حرب أكتوبر1973 بحيث انتقلت من سيطرة الدول المستهلكة إلى الدول المنتجة فنشأت في أعقاب ذلك بورصة نيويورك NYMEX في نوفمبر 1978 ، ونتيجة لما حدث بنهاية السبعينيات ومطلع الثمانينيات من قيام الثورة الإسلامية في إيران ونشوب الحرب بين العراق وإيران تأسست بورصة لندن IPE في ابريل 1981 ، ثم كانت بورصة سنغافورة SIMEX في ديسمبر 1989.

وبالدراسة التحليلية لتاريخ بورصات البترول العالمية يتبين ما يلي:
– تأخر إنشاء البورصات العالمية للبترول نسبياً عما حدث بالصناعات الأخرى غير البترولية ونشأة بورصاتها العالمية.
– تكامل الدورة الزمنية لعمل البورصات العالمية لفترة 22 ساعة متواصلة تقريباً نتيجة لفروق التوقيت الزمنية لاختلاف المواقع الجغرافية لكل من البورصات الثلاث.
– العلاقة الوثيقة بين التغيرات والأحداث السياسية على تسويق وتجارة البترول بحيث يتبين بوضوح تأثير كل منهما على الآخر.
– العمل والسعي المتواصل من خلال كبرى الدول المستهلكة للبترول وخاصة أن الدول الصناعية الكبرى للسيطرة على تسعير البترول وإحكام العمل المنتظم في ذلك لعدم ترك المجال بالكامل للدول المنتجة.
– وفي دراسة تحليلية تبين أن حوالي 23% من المتعاملين مع البورصات العالمية هم من المنتجين ومعامل تكرير البترول ، في حين أن نسبة 56% من التجار والموزعين.
– أثبتت عدة دراسات وجود أثر طردي قوي بين أسعار بورصات البترول العالمية والأسعار بالسوق الفعلي لكل من البترول ومشتقاته والمنتجات البترولية.

رابعاً : منظمة OPEC ومنظمة OAPEC
تأسست منظمة OPEC بعضوية كل من السعودية وإيران والعراق والكويت وفنزويلا لتنسيق السياسات البترولية بين الأعضاء ثم ارتفع عدد الأعضاء ليصل إلى 12 دولة حيث أضيف كل من أنجولا وليبيا ونيجيريا والجزائر والإمارات وقطر وإكوادور. وتتحكم دول منظمة OPEC في حوالي ثلثي الاحتياطي العالمي من الزيت الخام بخلاف نسبة 22.8% على الأقل من الاحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي.

إن بترول الدول العربية تصل نسبته 31.6% من الإنتاج العالمي في حين تبلغ الاحتياطات البترولية العربية حوالي 62.1% من الاحتياطي العالمي ، ونظراً لتلك الأهمية فقد دعت الضرورة لتكوين منظمة عربية للمشاورة في والتنسيق في القضايا والموضوعات المتعلقة بالبترول فتأسست منظمة OAPEC سنة 1968 بعضوية كل من السعودية والكويت وليبيا. ثم انضمت سبع دول عربية أخرى للمنظمة وهم: الجزائر والبحرين وقطر والإمارات والعراق وسوريا ومصر. ومما يزيد من أهمية OAPEC أن بها سبع دول من أعضاء منظمة OPEC أيضاً.

خامساً : البترول السعودي ومنطقة الإحساء
بدأ التنقيب في المملكة العربية السعودية عن البترول في 1933 في حين يعتبر أول إنتاج للبترول فيها اعتباراً من 1936 ، والآن تحتل السعودية المركز الأول بين دول العالم سواء من حيث الإنتاج أو الاحتياطي من البترول حيث تبلغ حصتها في حدود ثلث حصص أعضاء منظمة OPEC ، كما أن التقديرات أن لديها في حدود ربع الاحتياطي العالمي على الأقل ، وتمتلك أكبر بئر بترول في العالم وهو بئر "الغوار" الموجود بمنطقة الاحساء والذي تبلغ مساحته في حدود 40كم X241كم ويعادل إنتاجه حوالي 60% من إجمالي الإنتاج السعودي من البترول وهو ما يدعم الأهمية النسبية لمنطقة الاحساء بين جميع مناطق المملكة قبل وبعد اكتشاف البترول حيث أنها منطقة ذات ثروات زراعية ومياه جوفيه متعددة مما كان من بين الأسباب المتعددة لترشيحها من خلال المنظمات الدولية المتخصصة لتكون العجيبة الثامنة لعجائب الدنيا السبع.

وتسعى المملكة إلى تنويع مصادر الدخل القومي والناتج المحلي الإجمالي بحيث لا يقتصر على البترول وحده من خلال ما يلي:
– تنمية الإمكانات الصناعية لتكرير البترول وعدم الاكتفاء بتصدير الزيت الخام حيث تضم المنتجات البترولية كل من (الغاز الطبيعي ، الايثر البترولي ، النافثة الخفيفة والثقيلة ، الكيروسين ، زيت الغاز ، زيت الوقود الثقيل ، الكبريت) فعلى سبيل المثال وصلت نسبة مشاركة إنتاج المملكة من الغاز الطبيعي حوالي 15% من الناتج المحلي الإجمالي.
– تطوير الصناعات المعتمدة على البترول بصورة أساسية كالبتروكيماويات لتستغل فيها المملكة الميزة النسبية ونقاط القوة التي تميزها على أي من منافسيها من حيث تكاليف طاقة الإنتاج وتوافر الخامات بأسعار وكميات غير متوفرة لدى غيرها من المنافسين ليس على المستوى الإقليمي فحسب بل على المستوى الدولي.
– الاستمرار في الجهود البحثية والتطويرية في مجال البترول من حيث الاكتشاف أو الاستخراج والصناعة.
– دعم الجهود في مجال اكتشاف مصادر الطاقة الأخرى ومدى إمكانية الاعتماد عليها والتي قد يكون من بينها الطاقة الشمسية المتوفرة بوفرة بالمناطق الحارة كالمملكة.
– دعم المجالات الأخرى غير البترولية كالنهوض بالسياحة وخاصة الدينية والزراعة وغيرهما من مصادر الدخل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدنا تسجيل تعليقكم والاشتراك بمتابعة المدونة والقناة على يوتيوب osamamarketing لتصلكم أيه اضافات جديدة