الثلاثاء، 29 يوليو 2008

الزيتون الاداري وموائد التدريب

مقال للدكتور / أسامة أحمد - مجلة التدريب والتقنية - العدد رقم 97
تتزايد بالكتابات العلمية الأجنبية وخاصة الأمريكية أعداد المصطلحات غير الموجودة في الموسوعات اللغوية الأجنبية . ويفسر بعض من تناولوا بالدراسة هذه الظاهرة أن ذلك يرجع إلى أن هؤلاء الكتاب اعتبروا أنفسهم روادا في مجالاتهم فأردوا أن يضيفوا إلى التاريخ والى اللغة على قدر ما قدموا للعلم . وليس فقط أن تجد مصطلح غير موجود بالمعاجم والموسوعات وإنما قد يستخدمون كلمات متعارف عليها استخداما غير مألوفاً .

ونفخر نـحن العرب بثراء لغتنا العربية فهي وفقاً لدراسات مجمع اللغة العربية قد وصلت كلماتها ومترادفاتها إلى حوالي ستة ملايين كلمة في حين لم تتعدى اللغة الانجليزية الاثنين مليون كلمة فقط ، ولعل ذلك كان سببا في دفع هؤلاء لاستخدام كلمات جديدة أو وضع الكلمات المعروفة بمواضع غير مألوفة . وكيف لا نفخر نـحن العرب باللغة العربية وهي لغة القرآن الكريم الذي نزل بلسان عربي مبين ولم ينزل بأي من اللغات الأخرى ولعل في ذلك إشارة إلهية لمكانة هذه اللغة وعالميتها .

وتحضرني الآن لطيفة من اللطائف يقولها أحد المستشرقين عن فترة الازدهار العلمي الإسلامي العربي وخاصة في أسبانيا أن أبناء الطبقات العليا من غير المسلمين كانوا يتعلمون اللغة العربية كرمز من رموز التمدن والتحضر . تماما كما يحدث عندنا الآن (مع تأكيدنا على أهمية اللغة فمن تعلم لغة قوم أمن مكرهم) . ولكنهم لم يغيروا كثيرا من الكلمات العربية التي كانت سر نهضتهم ، ولم يفعلوا كما فعلنا بأن نكتفي بتسمية التلفزيون "الرائي" أو نطلق اسم "الحاسوب" على الكمبيوتر ولكنهم إلى الآن يسمون الجبر باسمه Gebra نسبة لجابر بن حيان والخوارزمية Algorithm باسمها نسبة للخوارزمي وغيرهما الكثير من المصطلحات والكلمات العربية المصدر .

وبطبيعة ارتباطي بالعمل التدريبي لاحظت كما يلاحظ غيري الكثير من المدربين ما يسمى أحيانا بالرتابة في التدريب وما يحتاجه التدريب لما يسمى "المنعشات التدريبية" Refreshments . فبحثت في ذاكرتي فوجدت كلمة عربية جميلة هي كلمة "الزيتون" فكنت استخدمها في دورات إعداد المدربين أو غيرها من الدورات في المجالات التسويقية والإدارية أو حتى بالمؤتمرات الدولية أو الأعمال الاستشارية التي قدمتها لغير الناطقين بالعربية وقد لقيت قبولا غير عاديا وخاصة عندما سمعوا الإجابة على سؤالهم بسر اختياري لهذه الكلمة على وجه الخصوص .

فهل تعلم أن أغلب الناس تقريبا إن لم يكن كلهم يشعرون بمتعة كبيرة عند تناول الزيتون على الطعام وهو ما وصفة القرآن (وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين) (سورة المؤمنون ، آية 20) . وقد ذكرها القرآن الكريم في هذه الآية تلميحا بينما ذكر الزيتون تصريحا في القرآن الكريم خمس مرات وهم : (الأنعام 99 ، 141) ، (النور 35) ، (عبس 29) ، (التين 1) . وشجرة الزيتون تشرفت بقوله تعالى : (الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شئ عليم) (سورة النور ، آية 35) .
ونلمس في كثير من اللقاءات العلمية والتدريبية رتابة في العرض والإلقاء ولعل من العلاجات الناجعة لهذه الرتابة عدم تقديم بعض المقبلات كالزيتون الإداري على مائدة التدريب .

وأقصد بالزيتون الإداري : ما يقدمه المعلم أو المدرب لطلابه في خارج موضوع التدريب لإحداث المتعة أثناء التعلم وتجديد الطاقة والنشاط والرغبة في التعلم . كمثل أن يقدم لهم قصة قصيرة أو طرفه أو صورة ويطلب منهم التعليق .... وليس بالضرورة أن تكون مرتبطة مباشرة بموضوع المحاضرة أو البرنامج التدريبي ولكن قد تكون غير مباشرة ، حيث من المعروف أنه عندما يستمر المعلم أو المدرب في الإلقاء المتواصل والمسترسل يحدث حالة من الغياب الذهني للحاضرين تسمى "أحلام اليقظة" بعد فترة يقدرها بعض المتخصصون بعدد من الدقائق يعادل عدد سنوات العمر بما لا يزيد عن 15 دقيقة للشخص العادي وفي الظروف الاعتيادية ، وهو ما يحول بين هؤلاء المتدربين وبين الاستيعاب والتي أعتقد أنها من أهم ما نعانيه في كثير من منظماتنا التعليمية العربية .

وبإمكانك أن تسجل الكثير من هذا الزيتون الإداري في ذاكرتك ولن تحتاج سوى أن تسجل الطريف والمفيد مما ترى أو تسمع . فهذا يحدثك عن قصة الهدهد أو نملة سليمان ومهارات القيادة التي تجلت في تصرفاتهما مع نبي الله سليمان ، وذاك يحدثك عن إصرار "أديسون" في تحدي الفشل في اختراع المصباح الكهربائي والتي وصلت في بعض الروايات إلى 999 محاولة لم يعتبرها فشلا وإنما اعتبرها اكتشافات لطرق لا يمكن أن يضئ بها المصباح وأنه ليس هناك فشل وإنما خبرات وتجارب كما تعلمنا في البرمجة اللغوية العصبية .

ولعلي أعزائي القراء أردت لفت انتباه شخصكم الكريم لموضوع عام وآخر خاص . أما العام فهو لغتنا الجميلة ، وأما الخاص فهو الزيتون الإداري وحاجتنا له على موائد التدريب والتعليم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدنا تسجيل تعليقكم والاشتراك بمتابعة المدونة والقناة على يوتيوب osamamarketing لتصلكم أيه اضافات جديدة